الوقت المقدر للقراءة 2 دقيقة

لماذا نشعر بأن الوقت يمر أسرع مع التقدم في العمر؟

لماذا نشعر بأن الوقت يمر أسرع مع التقدم في العمر؟
عدد كلمات المقال: 466 كلمة
“لا أدري كيف ينسل الوقت من بين يدي!” لطالما شعر الكثيرون منا بهذا الشعور، الشعور بأن الوقت يسير بمعدلات أسرع كلما كبرنا في العمر، هذا الشعور الذي ينتهي بنا أحياناً إلى الندم. وكما تقول كلوديا هاموند (عالمة النفس والمحررة في BBC) فإن الإحساس بسرعة مرور الوقت المتزايد مع العمر هو أحد ألغاز فهمنا للوقت. لحسن الحظ فإن المحاولات البحثية لكشف هذا الغموض قد كشفت عن بعض النتائج المثيرة للاهتمام.
عام 2005 قام مارك ويتمان وساندرا لينهوف (عالما النفس بجامعة لودفج ماكسميليان بميونخ) بعمل استطلاع رأي مع 499 مشارك، أعمارهم تتراوح ما بين 14 و 94 عاماً، حول كيفية شعورهم بسرعة مرور الوقت على مقياس من بطيء جداً إلى سريع جداً. أظهرت النتائج أنه بالنسبة للأوقات القصيرة (أسبوع، شهر، أو حتى سنة) لم يحدث تغيير في الإحساس بسرعة الوقت مع ازدياد العمر، فقط قد أوضح أغلب المشاركون أن عقارب الساعة تطارد بعضها بعضاً بسرعة. أما بالنسبة للفترات الطويلة (كعقد من الزمن) بدأ النمط بالظهور، أن الأكبر عمراً يشعرون أن الوقت يمر بسرعة أكبر من صغار السن. وعندما تم سؤالهم عن طوال فترة حياتهم، أوضح من تخطوا الأربعين أنهم كانوا يشعرون أن الوقت يمر أبطأ في طفولتهم ولكنه بدا يتسارع خلال فترة المراهقة وما يليها.
هناك عدة أسباب منطقية تؤدي إلى شعور الناس بهذا الشيء. عندما نتحدث عن كيفية إدراكنا للوقت فإننا نحدد مدة حدث معين من منظورين مختلفين، منظور استقبالي (prospective) بينما الحدث مازال مستمراً ولم ينتهي بعد، ومنظور استدعائي (retrospective) بعد انتهاء الحدث تماماً. إضافة إلى أن إدراكنا للوقت يتأثر بما نفعل وكيف نفعله وكيف نشعر حياله. فالوقت يطير سريعاً عندما نستمتع بما نفعل. كما أن اختبار تجربة جديدة أو ممارسة نشاط جديد يجعل الوقت يمر مُسرِعاً أيضاً. على الرغم من ذلك فإننا عندما نتذكر الحدث فيما بعد فإنه يبدو وكأنه قد أخذ وقتاً أطول بكثير مما أخذه في الواقع.
حسناً، ما السبب في هذا؟ يقوم مخنا بتخزين الخبرات الجديدة الغير مألوفة في الذاكرة، وحكمنا الاستدعائي على سرعة مرور الوقت يعتمد على مقدار الذكريات الجديدة التي تم تخزينها خلال تلك الفترة من الزمن. بكلمات أخرى “كلما اكتسبنا ذكريات أكثر في عطلة نهاية الأسبوع كلما بدت لنا العطلة طويلة عند تذكرها فيما بعد”.
تلك الظاهرة والتي تطلق عليها هاموند اسم (متناقضة العطلة) يبدو أنها تعطي تفسير جيد لسبب إحساسنا بمرور الوقت أسرع كلما كبرنا في العمر. ففي فترة الطفولة والشباب نحن نختبر الكثير من الخبرات ونتعلم الكثير من المهارات، وفيما بعد تصبح حياتنا نمطية أكثر ونادراً ما نتعرض لتجارب جديدة أو خبرات جديدة. كنتيجة لذلك تحتل سنوات عمرنا الأولى مساحة كبيرة في ذاكرتنا الذاتية (Autobiographical memory)، ولذا فإنها تبدو وكأنها قد امتدت دهراً طويلاً.
بالطبع فإن هذا يعني أنه يمكننا أن نجعل الوقت يمر ببطء مرة أخرى كما كان عندما كنا صغاراً. يمكننا أن نُعَدِّل إدراكنا بإبقاء عقولنا نشطة، نتعلم كل يوم مهارة جديدة، نناقش فكرة جديدة، أو نزور مكاناً جديداً لنستكشفه.
هذا المقال مترجم عن: Why Does Time Seem to Speed Up with Age

تم تحديث المقال في 16 أكتوبر 2020

حسام الجنايني

مؤسس العلوم الطبية باللغة العربية. كاتب ومترجم وصيدلي، حاصل على درجة البكالوريوس في علوم الصيدلة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حاصل على درجة دكتور الصيدلة PharmD، جامعة قناة السويس، صيدلي إكلينيكي، بمستشفى جامعة القاهرة التخصصي للأطفال (أبو الريش الياباني)، محاضر صيدلة إكلينيكية تخصص أطفال، بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية بوزارة الصحة المصرية،