الوقت المقدر للقراءة 3 دقيقة

أدوات جديدة في مكافحة فيروس JC الذي يهاجم الدماغ

أدوات جديدة في مكافحة فيروس JC الذي يهاجم الدماغ
عدد كلمات المقال: 797 كلمة
طور الباحثون رؤية جديدة لعدوى الدماغ المميتة و النادرة و المسماةاعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقي Progressive multifocal leukoencephalopathy PML .
يسبب المرض بفيروس JC والذي غالبا ما يتواجد عند الأشخاص الذين يعانون من تثبيط جهاز المناعة عندهم و حتى الآن لم يجد العلماء أي وسيلة فاعلة لدراسة أو فحص طرق المعالجة الجديدة .
إن فيروس JC هو مثال على عدوى تستهدف الخلايا الدبقية بشكل خاص و هي الخلايا الداعمة في الدماغ . يقول ستيف غولدمان و هو يحمل دكتوراه بعلم الأعصابو منسق في مركز الطب العصبي في جامعة Rochester ومؤلف كبير لهذه الورقة البحثية “لأن هذا الفيروس يصيب فقط الخلايا الدبقية عند البشر و ليس الخلايا الدماغية عند أنواع أخرى فإنه يعقّد جهودنا لفهم أفضل لهذا المرض و لحل هذه المشكلة طورنا نموذجا فأريا جديدا يسمح لنا بدراسة الخلايا الدبقية عند الحيوانات الحية “.
إن فيروس JC مشهور كثيرا بحيث يقدر أن 70-90% من الأمريكيين قد تعرضوا له و قد يحملونه بشكل خفي (سبات )dormant form و بالنسبة للأغلبية الضخمة من هؤلاء الناس فإن الفيروس لن يصبح معديا أو يؤدي لحدوث أي مرض خلال حياتهم .
وعلى أي حال , فعند بعض المرضى الذين يمتلكون أنظمة مناعية مثبطة إما بسبب مرض ما أو بسبب الأدوية المثبطة للمناعة فإن الفيروس يمكن أن يصبح فعالا و يجد طريقه أخيراإلى الدماغ وما إن يصل إلى هناك حتى يفعّل اعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقي PML و هو إنتان خطر للمادة البيضاء في الدماغ .
شوهد اعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقيPML للمرة الأولى عند مرضى اللوكيميا و اللمفوما خلال خمسينات و ستينات القرن الماضي و أصبح أكثر شيوعا خلال جائحة الايدز في ثمانينات القرن الماضي قبل الاستعمال الواسع الانتشار للمعالجات لمضادات الفيروسات الرجعية . و مؤخرا لوحظ بشكل كبير عند الأشخاص الذين يخضعون لمعالجات مثبطة للمناعة طويلة الأمد لأمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد.
وحتى الآن كان من شبه المستحيل دراسة تطور المرض أو اختبار أنواع جديدة من العلاجات لأن الفيروس يهاجم فقط الخلايا الدبقية في الدماغ عند البشر و لا يهاجم الخلايا الدبقية عند الفئران أوأي حيوان آخر يستعمل بشكل شائع للتحقق من آليات المرض مما يجعل من الصعب دراسته .
تتألف الخلايا الدبقية من فئتين رئيسيتين من الخلايا هما الخلايا النجميةastrocytes وهي خلايا الدعم الأساسية في الدماغ و الخلايا قليلة التغصنoligodendrocytes و هي مصدر الميلين myelin و التي هي نسيج دهني من المادة البيضاء التي تعزل الألياف العصبية في الدماغ .
الاكتشاف الجديد الذي نشر في مجلة The journal of clinical investigation كان نتيجة البحث باستعمال أداة جديدة طورت في جامعة Rochester .
أبلغ غولدمان و Maiken السنة الماضية أنهم استطاعوا تطوير نماذج حيوانية من فئران تتألف أدمغتها من كل من العصبونات الحيوانية و الخلايا الدبقية عند البشر .
وبينما ركزت الدراسة السابقة على حقيقة أن خلايا البشر جعلت الفئران أذكى فإنها في نفس الوقت قد شكلت حافزا جديدا قويا للباحثين لدراسة الخلايا الدبقية عند البشر في الحيوانات البالغة الحية بما فيها الأمراض التي تؤثر على هذه الخلايا .
سابقا , اعتقد العلماء أن فيروس JC يهاجم و يقتل الخلايا قليلة التغصنOligodendrocytes مما يدمر قدرة الدماغ على إنتاج الميلين .
تم التوصل إلى هذه النتيجة لأن الخزعات و مسح MRI للناس المصابين باعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقي PML أظهر نقصا في المادة البيضاء و التي تتضمن بشكل مبدئي الميلين .
باستعمال نموذج حيواني جديد , كان Goldman و فريقه قادرين على تقفي تأثير الإصابة بفيروس JC كما لو تكشفت في الوقت الحقيقي unfolded in real time و قد لاحظوا أن الهدف المبدئي للفيروس كان في الحقيقة هو الخلايا النجمية و إلى مدى أقل الخلايا السلفية الدبقية و هي الخلايا التي أعطت زيادة في الخلايا النجمية و الخلايا قليلة التغصن .
تعمل الخلايا النجمية كمضيف للفيروس ليتضاعف و يتطفر إلى المدى الذي تتفجر فيه الخلايا و تنشر العدوى في نموذج تفاعل متسلسل .
يصيب الفيروس أخيرا الخلايا قليلة التغصن ما إن يصل الحمل الفيروسي إلى نقطة معينة و لكن هذه الخلايا ليست مسؤولة عن انتشار المرض في الدماغ و ما إن تبدأ الخلايا قليلة التغصن بالموت فإنها تفقد الميلين و بما أن الخلايا الدبقية السلفية تستهدف من قبل الفيروس فإن الدماغ يفقد قدرته على سد النقص في الميلين الذي خسرناه .
قال غولدمان ” لقد كنا نبحث في التجمع الخلوي الخاطئ , يبدو أن الخلايا النجمية هي الهدف الرئيسي للفيروس و أن الخلايا قليلة التغصن هي بريئة مبدئيا عالقة ضمن خط النار “.
هذه النتائج تمكن الباحثين من التركيز على طرق جديدة محتملة لتحديد الأعراض المبكرة للمرض و كذلك تطوير معالجات جديدة .
المرضى الذين طوروا حالة اعتلال بيضاء الدماغ متعدد البؤر المترقي PML يشتكون من التخليط و مشاكل إدراكية أخرى قبل خسارة المادة البيضاء بكثير وهذا ما يعزز التشخيص السريري .
ويقول غولدمان أن هذا قد يكون نتيجة للخسارة المبكرة للخلايا النجمية و التي يعرف أنها تساعد في تنسيق انتقال الإشارة في الدماغ . إن النموذج الفأري الجديد يسمح أيضا للباحثين بفحص معالجات جديدة تستهدف الخلايا النجمية المصابة بينما تحمي جيرانها غير المصابة .

تم تحديث المقال في 16 أكتوبر 2020

عبد الستار شرف

صيدلاني خريج جامعة دمشق 2007، مهتم بأحدث التطورات الصيدلانية  والتكنولوجية.